دار الضيافة “عمان”

بقلم : د. عادل فهد المشعل
كاتب وفنان تشكيلي – الكويت

عدت مؤخرا من زيارة صلالة في سلطنة عمان الشقيقة وقد سرني كل ما شاهدته من تكامل سياحي يمكن ان تلمسه منذ اللحظة الاولى بدءا بالمطار الانيق السلس في إنجاز الخطوات مرورا بنظافة المطار وانتهاء بفريق عمل متكامل يرحب ويقدم أرقى الخدمات وكذلك الفنادق والمنتجعات واستخدام التقنية الحديثة في تقديم أفضل الخدمات السياحية التي تلائم الأسرة الخليجية المحافظة.

ان مدينة صلالة العريقة هي أبرز مدينة سياحية ليس في سلطنة عمان فقط بل في منطقة الخليج العربي رغم انها تجذب اليها السياح أربعة شهور فقط أي في فصل الصيف عندنا وهو فصل الخريف في صلالة في يونيو ويوليو وأغسطس وسبتمبر حيث المتعة بالطبيعة و رذاذ الخريف من المطر الظفاري واللباس الاخضر الذي ترتديه صلالة في مثل هذا الوقت من كل عام كما أن الكرم العماني تلمسه في ابتسامة الناس وهم يرحبون بضيوفهم وعلى استعداد لتقديم أي خدمة يمكن ان يسألها السائح.

ان مدينة صلالة التابعة لمحافظة ظفار باتت تحظى بسمعة طيبة ليس على مستوى الشعب الخليجي فقط بل امتد الامر ليصل الى بعض شعوب العالم وقد وصل الأمر الى تنفيذ مشروع التوأمة مع مدينة صوفيا عاصمة الجمهورية البلغارية.

وقد تطورت مدينة صلالة كثيرا وهذا ما أكده لي صديقي الذي يسافر إليها في كل عام مع أسرته دون ملل فقد قامت الحكومة بالاهتمام بصناعة السياحة من حيث البنية التحتية والاهتمام بكافة المرافق التي يحتاجها السائح للاستمتاع بالطبيعة الخلابة والطقس المعتدل وبها تنوع كبير في الانشطة منها مهرجان صلالة السياحي إلى جانب الشواطيء النظيفة ورمالها البيضاء ومياه البحر التي تميل إلى الاخضرار ولا ننسى النخيل التي يعشقها الإنسان الخليجي ناهيك عن النوافير الطبيعية التي تندفع إلى الاعلى من فتحات الصخور مما يمنح النفس راحة وسعادة كما ان هناك الكثير من الاودية والعيون والكهوف القديمة جدا فهي الاكثر قدما في التاريخ لتكون احدى عناصر الجذب السياحي الى جانب المواقع الاثرية التاريخية والمزارات الدينية كما ان هناك متاحف عدة تعرض طبيعة الحياة البحرية وتاريخ عمان العريق حيث الحصون والقلاع التاريخية التي تمنح الشعب العماني فخرا وتواضعا مغلف بدماثة الخلق والكرم الحاتمي.

ولا ننسى الأسواق الشعبية التي تحظى بإقبال كبير من قبل الشعب العماني الذي يعيش في بقية مدن السلطة ويشدون الرحال إليها وكذلك السائحين لشراء البخور واللبان وبعض الحرف اليدوية التقليدية والملابس الشعبية مثل العمامة العمانية الشهيرة بأنواعها المختلفة.

إن الاستثمار الحقيقي الذي قامت به سلطنة عمان هو الاستثمار بالإنسان العماني الاصيل كما ان دماثة الخلق لا يمكن تجاهلها خاصة من قبل السيد حميد عبدالله المجيني منظم البرنامج والاستاذة سلوى ربيع اليافعي من مركز العرفان للخدمات المجتمعية والاستاذة جميلة عباس الرئيسي مشرفة الرحلة ولا أنسى الأخ الفاضل عبدالله الحارثي سائق الحافلة الذي كان متفانيا في عمله ولا تفارق ابتسامته محياه العماني الجميل.

ومن أهم الملاحظات الايجابية التي لاحظتها في كل مرة ازور مدن السلطنة خاصة العاصمة “مسكت” وهي المفردة الشعبية لمدينة “مسقط” هو النظافة والالتزام بالقوانين خاصة قانون المرور من قبل الشعب العماني وكذلك المقيمين اضافة الى حسن التعامل فالكبير يحترم الصغير والكبير يحنو على الصغير والأمر ينطبق على الغني والفقير وقد تذكرت دعاء الرسول عليه الصلاة والسلام حين قال “رحم الله أهل “الغبيراء” أي أهل عمان آمنوا بي ولم يروني” كما أخرج الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي برزة الأسلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى حي من أحياء العرب مبعوثا فسبوه وضربوه فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام “لو أن أهل عمان أتيت ما سبوك ولا ضربوك”.

ولم تتطور سلطنة عمان صدفة إنما هي جاءت بعد رؤية ثاقبة وجهود جبارة متتالية كونها سلطنة حضارية ونهضة شاملة قادها المغفور له جلالة السلطان قابوس بن سعيد والآن يكمل المسيرة جلالة السلطان المعظم هيثم بن طارق بن تيمور آل سعيد حفظه الله ورعاه.

همسة:
خريف صلالة يمنح القلب ربيعا عمانيا دائما

زر الذهاب إلى الأعلى