أفي اليوْمِ

حمد الراشدي 
حمد الراشدي 

( بحر الطويل )

شعر : حمد الراشدي 

أفي اليومِ تحتَ الشًَّمسِ مِنهُ جديدُ

أمِ الأمْسُ كَرّارٌ عَليْنا يُعيدُ

أمِ الدّهْرُ مَفْتونٌ بِكُلِّ شَنيعةِ

تَحِلُّ على الإنسانِ سَوْماً تَزيدُ

يدُ الظّلْمِ قد طالتْ ولا مَنْ يَكُفُّها

ولا مَنْ يُقاضِيها ولا مَنْ يَحيدُ

ذََوُو الجَوْرِ صَوَّالونَ كَيْدَ مُرادِهمْ

ولا حَدَّ مِنْ رُقِّ الشِّفارِ يَذودُ

وعامٌ مِنَ العُدْوانِ لمْ يُرَ قَبْلَهُ

على شَكلهِ التَّنْكيلُ حيثُ يُبيدُ

ووَحْشِيَّةٌ فاقتْ لكلِّ تَصَوُّرٍ

يُمارِسُها الطّغيانُ بَغْياً يَقودُ

كما في فلسطينَ الْمجازِرُ قد غلتْ

على طَبَقِ الشّيطان ِ وهْوَ طَريدُ

غُزاةٌ مِنَ الألْقاطِ حَلّوا بِأَرْضِها

وشُذّاذُ تِيهٍ ليسَ مِنْهُم رَشيدُ

ومَكَّنَهُمْ مَنْ كانَ ظُلْماً يَسوسُها

ومَنْ كانَ يَبْغِي للتّتارِ تَعودُ

وما تَركوا إلاّ الخرابَ لأهْلِها

كما هُجِّروا قَسْراً وما عادَ عُودُ

وفي غَزَّةَ الْعِزِّ اسْتُبيحتْ ودُمِّرَتْ

وعاثَ بها الإجرامُ مِنْهُ جُنودُ

وليسَ سِوى الإعدامِ والقَتْلِ أثْخَنوا

على كُلِّ نَفْسٍ تَحْتَويها جُلودُ

فلا بَشرٌ إلاّ وقد ذاقَ واكْتَوىٰ

بنارٍ لها التعذيبُ جَمْرٌ وُقُودُ

ولَمْ يُوفَرُ الطِّفلُ الذي في لفافهِ

ولا الشَّيْخُ بالعُكّازِ ، وَهْوَ وئيدُ

ولا حَجَرٌ إلاّ ودُكَّتْ عِمادُهُ

وسُوَّتْ بِهِ الأركانُ أرْضاً تَمِيدُ

يدُ الشَّرِّ طَلقىٰ بالقذائفِ تَنْهَوي 

على الأبْرِياءِ الْعُزْلِ أنَّىٰ تُريدُ

وآلةُ حَرْبٍ كالجحيمِ تَسَعَّرَتْ

وداسَتْ على الأجْسادِ وهْيَ رُقُودُ

كذا الآدَميُّ اقْتيدَ دونَ هَوادَةٍ

فما للنُّفوسِ السُّلْمِ ينْجو وَريدُ

ومَنْ ذا يُداري للنُّفُوسِ حُقوقَها

ضميرٌ دَنَيٌّ أمْ حَقيرٌ لَدودُ ؟

وَسُعّارُ حَرْبٍ لا يُريدونَ وأدَها 

وما عَرَفوا إلاّ الفسادَ يَسودُ

وليْسَ سِوى نَهْبِ الدِّيارِ عَقيدةٌ

تَرَبَّوْا ، وما عَنْهُمْ تُقامُ سُدودُ

وقد زَيَّفوا الدّعْوى لكُلِّ حقيقةٍ

ولمْ يَسْلَمِ السَّرْقاتِ حتى السّميدُ

فكيفَ بذا يَرْعَوْنَ حُرْمَةَ أنْفُسٍ

ولا يُبْطِلونَ الحقَّ فيهِ شُهودُ

وكيفَ الدَِما تَنْجوا مَصاصَ وُحوشِهمْ

وقد جاءَ بالوَحْشِ الصَّغيرِ عَميدُ

أرادَ بِهِ رأسَ الحِرابِ مُعَدّّةً

يُقَطِّعُ أوْصالَ السّلامِ حَديدُ

وهُوْ مَنْ وراءَ الجُرْمِ حتى نُخاعِهِ

ومَنْ لَفَّ بالّلفاتِ ، قالَ : وَزيِدوا

قِوىً لِلشَّرِّ اسْتطاروا جِنايةً

على الضُّعْفِ صَبُّوها ورِيعَ صَعيدُ

ولولا هُمُ ما اسْطاعَ حتّى لِلَحْظةٍ

بُغاةٌ بقاءً ، أوْ يَدومُ وُجودُ

وقد أغْرَقوهمْ بالسّلاحِ بهِ اعْتَلَتْ

سِياطٌ على الأكبادِ ، لمْ يَنْجُ جِيدُ

ولمْ يَنظُروا حَجْمَ الفظائعِ في المَلا

وكمْ قُمئتُ عَيْنٌ ، وتُرَّتْ زُنودُ

وكمْ في المَشافي مِنْ دَمارٍ بِهِ جَنا

طُغاةُ ، هُوَ الأضْرىٰ ، وهُدَّ سُجودُ

وقد مارَسوا الخُبْثَ الذي في صُدورِهم 

على كُلِّ ما يَجْري لِيَرْضى حَقودُ

كما كَمَّمُوا الأفواهَ طَوْعَ مَرامِهمْ

بِأَنْ يَسْعدَ الطّاري ويَشْقى التّليدُ

وما ذاك إلاّ عنْ تَجَنٍّ ومَقْصَدٍ

يَحِلُّ على الباغينَ بالقَتْلِ عِيدُ

ولٰكنْ إذا كان العُداةُ تَسانَدوا

وهُمْ طَوْعَ جَرْوٍ للشُّرورِ وَلَودُ

فما بالُ مَنْ يَقْضي الصَّلاةَ بِدَينِنا

تَغَشَّوا ثِياباً واعْتَراهُم جُمودُ ؟

ألَمْ يَسْمَعوا الأرْواحَ حِينَ صُعودِها

تُنادي ألا يا قَوْمُ أيْنَ المَديدُ ؟

لماذا تَقاصَرْتُم عَنِ الزّحفِ نُصْرةً

وأنْتمْ غَفيرٌ والعَتادُ عديدُ

تَرَكْتُمْ يَدَ الأحْرارِ تَرْمي لِوَحْدها

وسادَ انْكِفاءٌ ، والضّرابُ شَديدُ

وحتّى لأهْوالِ الجرائمِ لمْ يَعُدْ

لديْكُم سِوى التَنْديدِ فيهِ قُعودُ 

أيُنْفَرُ لِلأقْصىٰ بسيفِ إدانةٍ

وقد ضَمَّ للسّيْفِ الرَّهيفِ غُمودُ ؟

ويا أهْلَ عُرْبٍ في العَميقِ رقَدْتُمو

متى صَحْوُكُمْ ؟ أمْ للرَّقادِ عُهُودُ ؟

تَأَخَّرْتُمو في النَّوْمِ حتى ظُنِنْتُمو

مِنَ الْقَوْمِ سادوا ثُمَّ بادتْ عُهودُ

وإلاّ مَتى تَسْتَيْقِظونَ صُراخَها

عُروبَةَ أرْضٍ مُنْذُ كانَ الوُجودُ

لِماذا رَضيْتُمْ بالقُعودِ تَخاذلاً

وقَلَّ لكمْ كَرٌّ ، وبارَتْ جُهودُ ؟

أخذْتُمْ حِساباً للسِّياسةِ جُمْلَةً

وعِفْتُمْ حِساباً للإخاءِ يَجودُ

ألا يابني العُرْبِ اسْتَكنتُم على الأُلىٰ

يَسومونَ أهليكمْ فَتُمْلا الّلُحودُ

ولا تُبْرَأونَ السُّؤْلَ والدَّمُ نازِفٌ

وسالَ مِراراً والْجراحُ نُجودُ

وهَلْ ذا تُرى إلاّ قرينَ تَواطُؤٍ

وأنْتمْ ، تُشيحونَ الوَجوهَ ، صُدودُ

أَأَنْتُمْ تُرىٰ أوْلىٰ لَهُمْ ، أم سِواكُمُ ،

بنَصْرٍ ، كما حَقّاً تكونُ الاُسودُ ؟

أليسَ الذي في الثّغْرِ يَبْسُطُ روحَهُ

يُجاشُ لهُ مَدٌّ وتُزْجىٰ حُشودُ ؟

ولوْ لا الرِّجالُ الشّوسُ والضّربُ والفِدىٰ

لكانَ مُنى الأعداءِ فيهِ سُعودُ

وهُمْ لَقَّنوا الأعْداءَ دَرْساً وأيْقظوا

ضَمائرَ لمْ تُوقِظْ شَتاها الرُّعودُ

أنابوا عَنِ القُعَّادِ طُهْرَ دِمائهمْ

وفي حقِّ مَنْ يَفْدي يكونُ الخُلودُ

علاماتُ يَوْم النّصرِ باتَتْ جَلَيّةً

وليسَ بعيداً أنْ تَرِفَّ البُنودُ

بإذْنِه جلّ اللهُ والوَعْدُ مُنْجَزٌ

ونَصرٌ مِنَ الرّحمٰنِ جِدُّ أكيدُ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى