وسائل الإعلام والحرب النفسية.. “تغطية طوفان الأقصى نموذجا”

سعيد بن مسعود المعشني

لم يعد خافيا الدور المحوري الذي تلعبه أجهزة الإعلام المختلفة في الحرب الإسرائيلية على المنطقة. فوكالات الأنباء العالمية، ومثلها الصحف والمواقع الالكترونية وقنوات التلفزة، تسير يدا بيد مع جيوش الحرب الإلكترونية في بث الأخبار والدعايات الكاذبة على مختلف قنوات التواصل، كجزء أساسي في حرب إسرائيل النفسية التي تخاض بقوة مع كل ثانية من إستمرار المجهود الحربي للدولة العبرية.
يكفي أن تشاهد أو تقرأ خبرا تبثه جريدة أو موقعا من مواقع الأخبار أو الصحف العالمية، حتى تعلم مدى إتساع وتأثير، وتعدد القنوات الداعمة لإسرائيل، وتمددها في مختلف قارات العالم.
وإذا كنا ندرك مسبقا مدى تقلقل الحركة الصهيونية وتشابك علاقتها مع كبريات الصحف والمواقع وقنوات التلفزة العالمية المختلفة بشكل غير مباشر، إلا أن الحرب الحالية كشفت بوضوح لا يقبل الشك عن وجهها وتوجهها، وموقعها من الصراع العربي الإسرائيلي، أو مع ملاحظة عدم حتى وضع أدنى إعتبار أو حساب لردات الفعل العربية على المستويين الشعبي والرسمي.
ومع أدراك الجميع مدى تداخل وتخادم المصالح بين إسرائيل والإعلام الغربي، إلا أن الحرب الأخيرة على غزة، كشفت دخول عامل جديد مستحدث يتعلق بانضمام قنوات، ووسائل إعلام وتواصل عربية وإسلامية، على خط خدمة الدعاية الحربية لإسرائيل. بحيث يصعب التمييز بين هذه القنوات والقنوات الإعلامية الإسرائيلية، او تلك الداعمة للكيان الغاصب.
بل إن المتابع الحذق، يستطيع أن يقف على أصوات إسرائيلية، على قلتها، تنتقد سياسات وإجراءات ومواقف الحكومة الإسرائيلية على قنوات الإعلام الإسرائيلية المختلفة أكثر مما هو مشاهد في تغطيات عدد من القنوات ووسائل الإعلام التي تنتسب ظلما وبهتانا إلى العالم العربي أو تنطق بلغته.
تقوم هذه الوسائل الإعلامية بتقديم الرواية الإسرائيلية للأحداث على أنها عين الحقيقة في سياق ممجوج، ونواح كاذب على الضحايا الذين يسقطون هنا أو هناك، وتقدمهم على أنهم مغلوبين على أمرهم، وأن قوى المقاومة تزج بهم في هذه الحرب التي لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
وتصور هذه القنوات في تغطياتها قوى المقاومة الشعبية على أنها نزلت على هذه الحواضن الشعبية بالبراشوت خدمة لأجندات خارجية، ولم يحملوا السلاح دفاعا عن شرف أوطانهم واراضيهم المغتصبة.
ولذلك عزيزي القارئ عندما تقرأ خبرا أو رواية منسوبة إلى مصدر مجهول، فعليك أن تفكر مرتين قبل تصديق الخبر أو إعادة نشره على أنه عين الحقيقة، خصوصا إذا تم نقل الخبر على وسائل وقنوات إعلامية وشاشات تلفزة أصبحت مكشوفة حتى لغير المختص.
فصحف كالواشنطن بوست، ونيويورك تايمز، وأخواتها، وشاشات كسكاي نيوز، والسي إن إن، والعربية وتفرعاتها، ومواقع أخبارية كأكسيوس، ليست محايدة ابدا في تغطياتها، على عكس كل ما تدعيه من نزاهة وحيادية.
ولعل أكثر هذه الشاشات جهرا بالعداء لقوى المقاومة وأكثرها تحديا لذائقة المشاهد العربي قناة سكاي نيوز الناطقة باللغة العربية، التي اختارت قبل فترة بسيطة من بداية طوفان الأقصى المبارك، الصحفي اللبناني، إبن الجنوب، نديم قطيش مديرا عاما لها.
نديم قطيش هذا، والذي تستكتبه للأسف جريدة الشرق الأوسط “المحترمة”، معروف بعدائه، الذي لا يخفيه، لقوى المقاومة، بمختلف تشكيلاتها، وهو محسوب في بداية مسيرته الإعلامية على حزب البعث، ثم عمل لفترة مذيعا ومقدما لبرامج في قناتي المستقبل والعربية، ليستقر أخيرا مسؤولا ومقررا لسياسات التحرير والتغطيات الإخبارية للقناة الإنجليزية المعربة، والرجل كما يظهر لنا في مواقفه السياسية وآرائه النقدية المنشورة، في مقام بن غوريون ونيتنياهو، من حيث نصب العداء لقوى المقاومة الإسلامية في فلسطين ولبنان. فهو صاحب مقولة ” صواريخ التنك” في معرض تهكمه على صواريخ حماس، ويتهم قطيش حركة الجهاد الإسلامي ببدء التصعيد مع إسرائيل، وهو يطالب بالكف عن “المتاجرة بالدم الفلسطيني”. ويقول أن إسرائيل أجبرت على معركة ليس لها مصلحة فيها، وإنها “انسحبت من غزة في عام 2005، وإن مشروع الإخوان المسلمين المجرم، ومشروع إيران، حولا غزة إلى مشروع حرب أهلية فلسطينية”…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى