الزواج من الخارج

  • سعيد بن مسعود المعشني

لسنوات، ظلت السلطنة في دائرة النقد فيما يتعلق بمنعها مواطنيها من الزواج من الخارج دون ترخيص رسمي مسبق.
هذا المنع جنّب البلاد، في جانبه الإيجابي، الدخول مبكرًا في معمعة انصهار المجتمع العماني في دوامة التغريب المتسارع، الذي نشاهد آثاره الآن في التركيبة السكانية والسلوك الاجتماعي لفئات عديدة من مواطني دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية التي آثرت ترك الباب مواربًا.
عندما تزور أيًّا من دول الخليج الشقيقة، أول ما يفاجئك هو نتاج هذه السياسات التي تستوقفك. فقد تشاهد مواطنًا أو مواطنة في إحدى هذه الدول وقد لعبت في ملامحهم آثار الجينات الوراثية الدخيلة وفعلت فعلها.
تمازج غريب في الأشكال والأطوال، مع بروز تغير ملحوظ في اللباس والمظهر الخارجي، بحيث يصعب تحديد جنسية من يخاطبك للوهلة الأولى، لولا شهرة القبائل التي تنتهي بها أسماؤهم عند التعريف بأنفسهم أو الاطلاع على وثائقهم الرسمية.
قد تصادف “بولا”، و”لينا”، و”يارا” من الجنس اللطيف، ويلفت نظرك فخامة وغلظة أسماء الأعراب، مثل “سطام”، و”فهد”، و”شخبوط”، لتتفاجأ بالتناقض الواضح في كُنه الدال والمدلول، وانعكاس ذلك كله على السلوك الذي ترافق مع ظهور عادات دخيلة.
ما وصل إليه أشقاؤنا في الخليج من قفزات في هذا الجانب، سنصل إليه حتمًا نحن هنا في عمان سريعًا. فتجربتنا في حرق المراحل واختصار المسافات مشهودة. فمع وصولنا إلى معدل عشرين بالمائة من إجمالي عقود الزواج من أجانب المستخرجة في عام 2024م، والتوقع بأن هناك عقودًا لم يرغب أصحابها في تسجيلها بعد، وكذلك انتساب تسارع النسب صعودًا في الأعوام القادمة، فإننا حتمًا أمام ظاهرة جديرة بأن تُرصد وتُدرس وتُقيَّم.
قد يرى البعض أن هذه قضية جانبية لا ينبغي أن تحتل الأولوية على أجندتنا الوطنية المزدحمة أصلًا، ولكن آثارها السلبية المباشرة لن تتأخر في الظهور.
قد يختلف التقييم تبعًا للزاوية التي يُنظر منها المراقب، غير أنني سأتحمل وزر السبق فأخاطر وأتنبأ أن النتائج لن تكون وردية كما يريد لنا البعض أن نصدق.
بعيدا عن كل ذلك، أقول إن أسماءنا العمانية التقليدية، المذكرة منها والمؤنث، مثل: “خلفان”، و”محاد”، و”برغش”، و”موزة”، “وجوخة”، و”طفول” على سبيل المثال وليس الحصر، لا تتواءم ابدا مع العيون الخضراء والزرقاء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى