ماذا يعني ارتفاع التصنيف الائتماني للسلطنة؟

بقلم د . جلال الحضرمي رجل أعمال
مع ارتفاع التصنيف الائتماني للسلطنة من وكالتي S&P و Fitch إلى مستوى BB+ مع نظرة مستقبلية مستقرة واحتمالية رفع التصنيف مستقبلاً (إذا ما أبقت السلطنة على سياستها في الإصلاحات الإقتصادية)
إلا أن الكثير يتسائلون ما هي الفوائد المرجوة للمواطن اسمحوا لي أن اسرد بعضها:
أولا: سوف يساعد رفع التصنيف إلى إنخفاض تكاليف الإقتراض للسلطنة وهو أكثر التأثيرات المباشرة لرفع التصنيف، مما يعني أنه بإمكان السلطنة إعادة التفاوض / إعادة الإقتراض بأسعار فائدة أقل بكثير عن السابق مما يعني إنخفاض تكلفة خدمة المديونيات وهذا بحد ذاته سوف يوفر فوائض من الممكن إعادة ضخها في الإقتصاد المحلي عبر استثمار الحكومة في مشاريع البنية التحتية التي تخدم المواطن والمقيم على أرض السلطنة كالمدارس والمستشفيات والشوارع بتكلفة أقل، كما أنه سوف يوفر للسلطنة ( إذا ما أحتاجت مستقبلا) إمكانية الإقتراض عند الحاجة بأسعار فائدة منخفضة لتمويل مشاريعها التنموية.
ثانيا: مع ارتفاع التصنيف الاتئماني لدرجات وجاذبة وأمنك للأستثمار فإن ذلك يمكن السلطنة من طرح سندات / صكوك معدلات فائدة منخفضة ومدد سداد أطول عند الحاجة وذلك لتمويل مشاريعها المستقبلية وسوف يكون عامل جذب للمستثمرين الدوليين لشراء تلك السندات ويعطي سمعة جيدة للسلطنة وهذا كله يعني توفير فوائض مالية كان من الممكن أن تذهب فقط لخدمة سداد دين تلك السندات/ الصكوك وتمويل إعادة شرائها عندما يحين تاريخ السداد.
ثالثا: التأثير الثانوي لرفع التصنيف الإتماني والذي يرافق خفض تكاليف الإقتراض هو تحفيز النمو الإقتصادي بشقيه الكلي والجزئي، وما يهم المواطن هنا على (الصعيد الشخصي) هو نمو الإقتصاد الجزئي مما يعني قوة شرائية أكبر ونمو ملحوظ وهو ما سيتحتم معه خلق فرص عمل أكثر إرتفاع دخل الفرد وهما في علاقة نمو مباشرة مع نمو الاقتصاد الوطني الكلي والجزئي.
رابعا: جذب استثمارات أجنبية بمعدلات أعلى عن السابق لتمويل المشاريع الإستراتيجية للسلطنة فمع إرتفاع التصنيف بمعدلات آمنة للاستثمار يسهل حسنها على الحكومة جذب الاستثمارات الأجنبية وتعطي الحكومة اليد الأعلى عند التفاوض مع المستثمرين، هذا أيضا سوف يساعد في تمويل المشاريع الجديدة والتي بدورها تحفز نمو الاقتصاد الجزئي وتوفير / خلق فرص عمل أكثر على المدى المتوسط والبعيد.
خامسا: وهو من أهم الآثار الإيجابية ولكن قليل ما يدركه الرأي العام وهو، مع رفع التصنيف الائتماني للسلطنة فإن هذا يساعد على استقرار الريال العُماني ويجعله أقوى بالمقارنة مع العملات الأخرى مما يغرث الثقة لدى المستثمرين والتجار الأجانب / المحليين وأيضا يساعد في خفض أسعار الواردات وبالتالي يقلل من قيمة التضخم في أسعار المنتجات المستوردة وبالتالي فهذا ينعكس على القوة الشرائية في السوق المحلي وعلى جيب المواطن والمقيم ويحفز عجلة الاقتصاد الجزئي.
سادسا: مع انخفاض تكاليف الاقتراض على مستوى الحكومة، فإن هذا سوف يبدأ الانعكاس على تكلفة الاقتراض المفروضة من البنوك المحلية (تجارية/ إسلامية) على القروض التجارية، الشخصية والإسكانية مما ينعكس على مستوى رفاهية العيش وإمكانية الإقتراض على مستوى الأفراد والمؤسسات الخاصة وهذا أيضا بدوره يعمل على تحفيز الاقتصاد الجزئي والمواطن والمقيم على حد سواء.
سابعا: رفع التصنيف مرتبط ارتباطا وثيقا مع سياسة الحكومة المالية والإنفاق مما يعني أنه يتوجب على الحكومة الالتزام بتقليل المصاريف وهو ما قامت به الحكومة الرشيدة عند وضع سياسات إدارة النقد والمصروفات وهذا بدوره سوف يوفر مبالغ طائلة لإعادة ضخها في الاقتصاد المحلي بعد الوصول بمعدلات دين عام آمنة من دفع الديون الخارجية.
ثامنا: إن رفع التصنيف الائتماني للسلطنة الملحوظ في العامين المنصرمين، يؤدي تلقائيا لتعزيز سمعة السلطنة ومعنويات المستثمرين سواءا كانوا أجانب/ محليين وهو أيضا ( إذا ما سوق له بالطريقة الصحيحة) يساعد على رفع معنويات الرأي العام وغرس السعود بالثقة والفخر بين المواطنين.
تاسعا: إن المحافظة على التصنيفات الائتمانية المرتفعة بما يخص الطلعات المستقبلية (في حالة السلطنة فإن النظرة المستقبلية لكل وكالات التصنيف جائت نظرة مستقبلية مستقرة) فهذا بحد ذاته يعني الاستقرار المالي والاقتصادي للسلطنة وهو يشير (ولو بطريقة غير مباشرة) على وجود بيئة إقتصادية وسياسية مستقرة وهذا بدوره ينعكس على توفير عامل الأمن الأقتصادي وتعزيز موقع السلطنة كبيئة وجاذبة للإستثمار ويعزز من مناعة الاقتصاد الوطني عند مواجهة التقلبات/ الازمات الاقتصادية العالمية مستقبلا وجعله اكثر مرونة لمواجهتها وهذا بحد ذاته يوفر الحصانة للافراد من تلك التقلبات.
إن التصنيف الائتماني المرتفع يمكن أن يوفر العديد من الفوائد ولكنه يبقى مجرد عامل واحد من عدة عوامل لتحسين معيشة الفرد.





