زيارة جلالة السلطان إلى الهند تتويج للعلاقات وفتح آفاق أوسع

بقلم / علي المطاعني
كاتب وصحفي
العلاقات العمانية الهندية تمتد لتاريخ طويل يزيد عن 5000 سنة؛ وذلك نظرا للعديد من العوامل التي ساعدت على ترسيخها طوال السنوات الماضية، كالموقع الجغرافي مثلا، والاشتراك في الإطلالة على المحيط الهندي، وارتباط البلدين والشعبين بالروابط الاقتصادية، والتي من الطبيعي أن تتطور مع مرور الوقت لتنعكس على مستوى ميزان التبادل التجاري والاقتصادي.
ولعل افتتاح أول قنصلية للهند في مسقط عام 1955م يعد دليلا واضحا على عمق هذه العلاقات وتجذرها، ونجاج جدواها الاقتصادية، فضلا عن افتتاح سفارة سلطنة عمان في الهند عام 1970م وافتتاح السفارة الهندية في مسقط 1973م؛ الأمر الذي يترجم مدى أهمية تأطير العلاقات بين البلدين بأطر تنظيمية تساعد على تدعيم وتنظيم التبادلات التجارية.
فالهند تمثل اليوم قوة اقتصادية كبيرة في العالم، بجانب كونها أكبر ديمقراطية في العالم أيضا؛ لذلك فإن تعزيز واستثمار العلاقات معها يعود بالمنفعة على الوطن من ناحية الاقتصاد والاستثمار وغيره من الجوانب.
لذا ولكل ماسبق تأتي زيارة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- للهند اليوم من هذا المنطلق، وتسعى لتعظيم الاستفادة من العلاقات المتنامية، وفتح آفاق أوسع أمام رجالات الأعمال والمستثمرين للاستثمار في كلا الجانبين، كما تدفع الزيارة في اتجاه إيجاد خيارات جيدة في العلاقات مع الدول خاصة الكبيرة، وبدائل أفضل في عالم يموج بالتغيرات والعواصف المتتالية؛ بل إن الدول في علاقاتها تحتكم للكثير من المعطيات الخاصة بها ومحيطها، ولا يمكن أن تبقى منعزلة عن الآخرين بسبب مواقف نظيراتها من بعض القضايا؛ الأمر الذي يحتم علينا أن نغير نظرتنا في العلاقات مع الدول، لتكون وفقا لمصالحنا، واقتصادنا أكثر من أن ننظر إلى علاقات تلك الدول مع الآخرين.
إن زيارة جلالة السلطان هيثم للهند تعد في حد ذاتها تطورا كبيرا في لقاء قيادات البلدين، ومن شأنها أن تسهم في تعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين الدولتين، وتكسبها قوة دفع كبيرة على كافة الأصعدة والمستويات؛ فالهند تشكل حليفا تجاريا مهما، وهي ثاني أكبر سوق لصادرات النفط بعد الصين، ورابع سوق للصادرات العمانية غير النفطية. حيث توضح الأرقام والمؤشرات الإحصائية بجلاء تام أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ في عام 2022م نحو 8 مليارات دولار. فضلا عن أن ميزان المدفوعات يميل لصالح سلطنة عمان بإجمالي صادرات تبلغ حوالي 2.81 مليار ريال مقابل 1.277 مليار ريال هي حجم الصادرات الهندية إلى السلطنة، وكذلك 1.258 مليار ريال عماني إجمالي حجم الواردات من الهند عام 2022م مقابل 782 مليون ريال في عام 2021 بنسبة زيادة بلغت نحو 60.8 بالمائة.
والشاهد هنا أن هذه الإحصائيات والأرقام تؤكد بما لا يدعو مجالا للشك بأن العلاقات بين البلدين فوق المتميزة، ويجب استثمارها في مجالات أكثر، والعمل على إعطائها دفعة أقوى بما يتواكب مع المعطيات الدولية الراهنة.
أما على الجانب الاستثماري فيجب القول بأن الهند تمثل أكبر مستثمر في سلطنة عمان؛ مسجلة حوالي 600 مليون ريال، حيث يوجد لدى جهاز الاستثمار العماني صندوقان استثماريان مشتركان مع الهند للاستثمار في قطاعات الخدمات المصرفية والمالية والرعاية الطبية والتقنيات الكيمائية والصناعة وتقنية المعلومات والتعدين. ويستهدف الجهاز توسيع هذه الشراكة في القطاعات الحيوية التي تشمل الألواح الشمسية، وإنتاج التوربينات، ومنتجات الصلب، والرعاية الصحية، والطيران، والأغذية وغيرها، وهذا ما تهدف إليه الحكومة في علاقاتها المتوطدة مع الهند، وتوظيفها في مجالات استثمار أخرى.
إذ تعد الهند اليوم خامس أكبر اقتصاد في العالم بإجمالي يصل إلى نحو 3.1 تريليون دولار أمريكي. وتعتبر كذلك سلة لغذاء العالم بما تملكه من إمكانيات كبيرة في الزراعة خاصة المحاصيل الزراعية كالأرز والقمح والفواكه والخضروات؛ ولعل قرب المسافة بين الدولتين يساعد كثيرا في تقليل التكلفة على المستهلك.
لذلك تأتي الزيارات من جلالة السلطان للهند وغيرها لما تمثله من أهمية كبيرة لاقتصادنا وانعكاساته على المواطنين. وبالطبع العلاقات مع الهند واحدة من العلاقات الاستراتيجية مع دول العالم الهادفة إلى مد جسور التعاون والاستفادة من خبراتها وتجاربها.
نأمل أن تكلل هذه الزيارة بالنجاح بما يفتح آفاقا أوسع أمام حكومتي البلدين، والعمل بتسارع أكثر في جذب الاستثمارات والتعاون سويا لدفع التبادلات التجارية إلى مستويات أعلى. والوعي من جانبنا بأن العلاقات مع الدول لا ترتبط بمواقفها تجاه بعض القضايا الخاصة بدول أخرى، فذلك شأنها، ونحن من مبادئ سياستنا الخارجية ألا نتدخل في الشؤون الداخلية للدول.
علي بن راشد المطاعنيعمان والهند.. علاقات تاريخية تمتد لأكثر من 5000 عام
العلاقات العمانية الهندية تمتد لتاريخ طويل يزيد عن 5000 سنة؛ وذلك نظرا للعديد من العوامل التي ساعدت على ترسيخها طوال السنوات الماضية، كالموقع الجغرافي مثلا، والاشتراك في الإطلالة على المحيط الهندي، وارتباط البلدين والشعبين بالروابط الاقتصادية، والتي من الطبيعي أن تتطور مع مرور الوقت لتنعكس على مستوى ميزان التبادل التجاري والاقتصادي.
ولعل افتتاح أول قنصلية للهند في مسقط عام 1955م يعد دليلا واضحا على عمق هذه العلاقات وتجذرها، ونجاج جدواها الاقتصادية، فضلا عن افتتاح سفارة سلطنة عمان في الهند عام 1970م وافتتاح السفارة الهندية في مسقط 1973م؛ الأمر الذي يترجم مدى أهمية تأطير العلاقات بين البلدين بأطر تنظيمية تساعد على تدعيم وتنظيم التبادلات التجارية.
فالهند تمثل اليوم قوة اقتصادية كبيرة في العالم، بجانب كونها أكبر ديمقراطية في العالم أيضا؛ لذلك فإن تعزيز واستثمار العلاقات معها يعود بالمنفعة على الوطن من ناحية الاقتصاد والاستثمار وغيره من الجوانب.
لذا ولكل ماسبق تأتي زيارة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- للهند اليوم من هذا المنطلق، وتسعى لتعظيم الاستفادة من العلاقات المتنامية، وفتح آفاق أوسع أمام رجالات الأعمال والمستثمرين للاستثمار في كلا الجانبين، كما تدفع الزيارة في اتجاه إيجاد خيارات جيدة في العلاقات مع الدول خاصة الكبيرة، وبدائل أفضل في عالم يموج بالتغيرات والعواصف المتتالية؛ بل إن الدول في علاقاتها تحتكم للكثير من المعطيات الخاصة بها ومحيطها، ولا يمكن أن تبقى منعزلة عن الآخرين بسبب مواقف نظيراتها من بعض القضايا؛ الأمر الذي يحتم علينا أن نغير نظرتنا في العلاقات مع الدول، لتكون وفقا لمصالحنا، واقتصادنا أكثر من أن ننظر إلى علاقات تلك الدول مع الآخرين.
إن زيارة جلالة السلطان هيثم للهند تعد في حد ذاتها تطورا كبيرا في لقاء قيادات البلدين، ومن شأنها أن تسهم في تعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين الدولتين، وتكسبها قوة دفع كبيرة على كافة الأصعدة والمستويات؛ فالهند تشكل حليفا تجاريا مهما، وهي ثاني أكبر سوق لصادرات النفط بعد الصين، ورابع سوق للصادرات العمانية غير النفطية. حيث توضح الأرقام والمؤشرات الإحصائية بجلاء تام أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ في عام 2022م نحو 8 مليارات دولار. فضلا عن أن ميزان المدفوعات يميل لصالح سلطنة عمان بإجمالي صادرات تبلغ حوالي 2.81 مليار ريال مقابل 1.277 مليار ريال هي حجم الصادرات الهندية إلى السلطنة، وكذلك 1.258 مليار ريال عماني إجمالي حجم الواردات من الهند عام 2022م مقابل 782 مليون ريال في عام 2021 بنسبة زيادة بلغت نحو 60.8 بالمائة.
والشاهد هنا أن هذه الإحصائيات والأرقام تؤكد بما لا يدعو مجالا للشك بأن العلاقات بين البلدين فوق المتميزة، ويجب استثمارها في مجالات أكثر، والعمل على إعطائها دفعة أقوى بما يتواكب مع المعطيات الدولية الراهنة.
أما على الجانب الاستثماري فيجب القول بأن الهند تمثل أكبر مستثمر في سلطنة عمان؛ مسجلة حوالي 600 مليون ريال، حيث يوجد لدى جهاز الاستثمار العماني صندوقان استثماريان مشتركان مع الهند للاستثمار في قطاعات الخدمات المصرفية والمالية والرعاية الطبية والتقنيات الكيمائية والصناعة وتقنية المعلومات والتعدين. ويستهدف الجهاز توسيع هذه الشراكة في القطاعات الحيوية التي تشمل الألواح الشمسية، وإنتاج التوربينات، ومنتجات الصلب، والرعاية الصحية، والطيران، والأغذية وغيرها، وهذا ما تهدف إليه الحكومة في علاقاتها المتوطدة مع الهند، وتوظيفها في مجالات استثمار أخرى.
إذ تعد الهند اليوم خامس أكبر اقتصاد في العالم بإجمالي يصل إلى نحو 3.1 تريليون دولار أمريكي. وتعتبر كذلك سلة لغذاء العالم بما تملكه من إمكانيات كبيرة في الزراعة خاصة المحاصيل الزراعية كالأرز والقمح والفواكه والخضروات؛ ولعل قرب المسافة بين الدولتين يساعد كثيرا في تقليل التكلفة على المستهلك.
لذلك تأتي الزيارات من جلالة السلطان للهند وغيرها لما تمثله من أهمية كبيرة لاقتصادنا وانعكاساته على المواطنين. وبالطبع العلاقات مع الهند واحدة من العلاقات الاستراتيجية مع دول العالم الهادفة إلى مد جسور التعاون والاستفادة من خبراتها وتجاربها.
نأمل أن تكلل هذه الزيارة بالنجاح بما يفتح آفاقا أوسع أمام حكومتي البلدين، والعمل بتسارع أكثر في جذب الاستثمارات والتعاون سويا لدفع التبادلات التجارية إلى مستويات أعلى. والوعي من جانبنا بأن العلاقات مع الدول لا ترتبط بمواقفها تجاه بعض القضايا الخاصة بدول أخرى، فذلك شأنها، ونحن من مبادئ سياستنا الخارجية ألا نتدخل في الشؤون الداخلية للدول





