“سويعات الأصيل”

بقلم / محمد الشريف

تاريخيًا، كان المشهد الموسيقي في المملكة العربية السعودية يتميز بغناه وتنوعه، ومختلفًا عن المجالات الفنية الأخرى. وقد كان للفنانين السعوديين حضور قوي وبارز على المستوى الوطني والعربي.

ومن بين الأصوات الموهوبة الخالدة التي أشرقت في القرن الماضي في هذا المجال، يبرز الفنان الراحل طلال مداح الذي لمس قلوب الملايين في أنحاء الوطن العربي بفضل صوته الجميل وألحانه الرائعة وكلمات أغانيه الصادقة. مما جعل فنه إرثًا لأولئك الذين يبحثون عن الطرب الأصيل.

طلال مداح أهدى لنا العديد من الأغاني التي لا تنسى طوال مسيرته. لعل من أبرزها أغنية ” سويعات الأصيل” وهي أحد الأعمال الكلاسيكية الخالدة في سماء الطرب العربي. بفضل لحنها الساحر وكلماتها العميقة، حيث تمكنت هذه الأغنية من لفت انتباه المستمعين وحازت على إعجابهم. تم إصدار هذه الأغنية باللغة العربية الفصحى في عام 1964، ولحنها الفنان عبد الله محمد، وكتبت كلماتها الشاعرة السعودية سلطانة السديري، واعتبرت إحدى أكثر الأغاني السعودية مبيعا حتى يومنا هذا. كلمات الأغنية التي يقدمها المطرب المبدع طلال مداح تأخذنا في رحلة شاعرية عبر الزمن الجميل. لتجعلنا نشعر بالشوق والحنين إلى أيام كنا نتمنى أن نعيشها، وتذكرنا ببساطة وصفاء المشاعر في زمن الأبيض والأسود. صوت طلال مداح الدافئ والمليء بالشجون يدمجنا في هذه الرحلة الساحرة ويأسر قلوبنا.

أما اللحن، فكان سيمفونية من الإبداع، يتردد صداه عبر الأجيال حتى اليوم حيث استطاع الملحن عبد الله محمد، أن يخلق مزيجًا سلسًا بين الآلات التقليدية في ذاك الوقت على بساطتها ارتقى بالأغنية إلى آفاق أعلى. وساهم في استمرار شعبيتها على مر السنين.

أما كلمات الشاعرة سلطانة بنت عبد العزيز السديري، فكانت السهل الممتنع والذي يعبر عن الحب والشوق إلى الحبيب في زمن كانت المشاعر والإحساس أنقى وأبسط، وبدون تجاوز للحواجز الاجتماعية وبدون أي تعارض مع تعُزيز التقاليد، وتكريم القيم.

 أغنية سويعات الأصيل هي أكثر من مجرد أغنية؛ إنها تحفة فنية خالدة وجزء من القيم الإنسانية الذي نشأ عليها مجتمعنا، والذي شكلت هويتنا الثقافية بالإضافة إلى كونها قطعة ثمينة من التراث الموسيقي السعودي الذي سيستمر بلا جدال في إلهام الأجيال القادمة. رحم الله الفنان طلال مداح. الذي تركت وفاته المفاجئة في 11 أغسطس عام 2000 فراغ في صناعة الموسيقى السعودية والعربية، ومع ذلك سيظل إرثه الفني حاضرا ومحفورًا في وجداننا.

زر الذهاب إلى الأعلى