من سرق قلمي؟

محمد الشريف
كاتب وصحفي / سعودي

لا يمكنني وصف حبي لقلمي. بكلمات عابرة فهو ليس مجرد أداة للكتابة، بل هو جزء مني ورفيق دربي في رحلتي في هذه الحياة. وملجئي بعد الله من أعبائها وضجيجها، والأقرب إلي في سعادتي وحزني وهو من كتب أحلامي، وحفظ أسراري وسجل أفكاري، ومن خلاله أرى نفسي فكريا، وأقاوم فشلي وإحباطي واحي طموحي. ودائمًا ما يشعرني بشيء من الحرية لم أعرفها، وإبداع لم أتخيله، ويساعدني على ترتيب مشاعري والتعبير عنها بالطريقة التي أريدها.
لا أتذكر بالضبط متى التقينا لأول مرة، لكنني أتذكر شعوري في تلك اللحظة. فقد كان شعورًا ممزوجًا بالرهبة والفضول، وكانت تنتابني هواجس ومخاوف من الوقوع في عشقه. كان قلمي رفيقًا جديدًا في رحلتي، ولم أكن أعرف إلى أين سيأخذني بالضبط، لكن مع مرور الوقت، ازدادت علاقتنا قوة. وأصبحنا صديقين مقربين، نتشارك أفكارنا ومشاعرنا، ونخوض معا رحلة المعرفة والإبداع، حتى جاءت لحظة النضج لعلاقتنا لتصبح شيئا من لا شيء، قبل تلك اللحظة، كنت أكتب بدافع الشغف فقط، دون أي هدف أو اتجاه محدد. كنت أكتب عن أي شيء، دون أي تركيز أو وعي. ولكن بعد تلك اللحظة، تغير كل شيء.
فبدأت أشعر بمسؤولية كبيرة تجاه نفسي ومجتمعي، وأدركت أن قلمي ليس مجرد أداة للكتابة، بل هو سلاح قوي ذو حدين يمكنني استخدامه بدافع المسؤولية والالتزام لأغرس قيماً ومبادئ علمني أيها مجتمعي، ويمكنني أن أهد كل ما صنعه غيري.
ومع الأيام لاحظت أن قلمي ذو حساسية مفرطة، فعندما اكتب بمصداقية ملهمة، أشعر بسعادته مني. فيصبح خطه واضحًا وقويا، وكلماته متدفقة، وكأنه يريد أن يخبرني أنني أقدره وأحافظ عليه. وعندما اكتب بتعظيم أو مبالغة في غير موضعها، أشعر بخيبة أمله مني. فيصبح خطه خافتا، وكلماته متقطعة، وكأنه يعرفني بأني قد أساءت استخدامه. أما عندما أكتب بسلبية وإحباط، فإني أشعر بحزنه مني. فيصبح خطه مثقلا، وكلماته متعبة، وكأنه يشعرني أن الحياة مستمرة، بي أو بغيري، ولم تنتهي بعد. لذلك أحاول جاهدا، أن أرضيه؛ لأظل أكتب حتى آخر يوم في حياتي، رغم أني أعرف أنه سيسرق مني، أو يرحل كما رحلت الأقلام الأخرى، …؟؟

زر الذهاب إلى الأعلى