حوكمة الدروس الخصوصية وتطبيق “أسهل” نموذجًا

بقلم / حمود بن علي الطوقي

في ظل الضغوط المالية والنفسية التي تفرضها الدروس الخصوصية على الطلاب وأسرهم في عمان، برزت الحاجة إلى حلول مبتكرة تخفف من هذا العبء وتوفر بدائل فعّالة. يأتي تطبيق “أسهل”، الذي أطلقته شركة “أواصر” العمانية، كاستجابة مبتكرة لهذا التحدي. يتيح هذا التطبيق للطلاب فرصة مراجعة دروسهم والاستفادة من خبرات أمهر المعلمين عبر مراحل دراسية متعددة، دون تحميل الأسر أعباء مالية إضافية، مما يساهم في تحسين مستوى التحصيل الدراسي بشكل عادل.
ورغم أن التقدم التكنولوجي، كما يتجسد في تطبيقات مثل “أسهل”، يمثل خطوة إيجابية، فإن ظاهرة الدروس الخصوصية تظل دخيلة على المجتمع العماني وتحتاج إلى دراسة عميقة من قبل الجهات المختصة. للأسف، يعتمد بعض المدرسين على الدروس الخصوصية كوسيلة لزيادة دخلهم، وهو ما يعزز الفجوة التعليمية بين الطلاب. فالطلاب الميسورون يستفيدون من هذه الدروس، بينما يعجز ذوو الدخل المحدود عن تحمل تكاليفها. هذه الفجوة تهدد العدالة التعليمية، وهنا يأتي دور المدارس في تنظيم أنشطة تقوية تحصيل الطلاب، مع توفير أجور إضافية للمدرسين لتقليل حاجتهم لتقديم دروس خصوصية خارج نطاق المدرسة.
و من الآثار السلبية لهذه الدروس الخصوصية زيادة الضغط النفسي على الطلاب. بين الواجبات المدرسية والدروس الإضافية، يجد الطلاب أنفسهم في دوامة من المتطلبات التي تؤثر على صحتهم النفسية، وتزيد من مستويات القلق والتوتر، مما ينعكس على تركيزهم وقدرتهم
و كمراقبين وأولياء أمور، نرى أنه بات من الضروري أن تتدخل وزارة التربية والتعليم لوضع أطر قانونية صارمة تنظم مجال الدروس الخصوصية، مع ضمان توفير تعليم متساوٍ للجميع. يجب أن تخضع هذه الدروس لإشراف ورقابة صارمة لضمان أن الهدف الأساسي هو التعليم وليس تحقيق الأرباح على حساب الطلاب وأسرهم.
الأخطر من ذلك أن انتشار الدروس الخصوصية قد يؤدي إلى تفشي الفساد في النظام التعليمي، حيث يمكن أن يتم تفضيل الطلاب الذين يحصلون على دروس خصوصية على حساب الآخرين، مما يقوض القيم الأساسية للتعليم. لهذا، يجب أن يظل التعليم حقًا مكتسبًا متاحًا للجميع، وليس سلعة للبيع والشراء.
ختامًا نقول من الضروري أن نعيد النظر في هذه الظاهرة المتزايدة ونعمل معًا لإعادة التوازن إلى النظام التعليمي في عمان. التعليم يجب أن يكون عادلاً ومتاحًا للجميع، وأن تستعيد المدرسة دورها الأساسي في تقديم المعرفة دون الحاجة إلى تدخلات خارجية مثل الدروس الخصوصية. يتطلب الأمر تعاون الحكومة والمجتمع لضمان تقديم تعليم يسهم في بناء جيل قوي قادر على مواجهة تحديات المستقبل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى