الدقم .. الحلم الذي ينتظر البشر

حمود بن علي الطوقي

بعد نشر مقالي السابق «الدقم… البشر قبل الحجر»، الذي تصدّر منصات التواصل الاجتماعي وحظي بتفاعل واسع من القراء، سعدت بأن معظم التعليقات والآراء جاءت متوافقة مع الطرح الأساسي: أن الدقم تحتاج إلى البشر بقدر حاجتها إلى المشاريع والاستثمارات. هذا التوافق الشعبي يعكس وعيًا متزايدًا بأن أي مدينة لا يمكن أن تنمو دون حياة بشرية متكاملة تجعل منها مجتمعًا نابضًا، وليس مجرد منطقة اقتصادية.
الدقم ليست مشروعًا اقتصاديًا فحسب، بل هي منطقة تتدفق منها الخيرات التي ينعم بها الوطن بأسره، ومن حقها أن تتحول إلى مدينة مزدهرة بالناس قبل الحجر. فكل ريال يُستثمر هناك لا يكتمل أثره إلا إذا وُجدت الأسر التي تعيش وتستقر وتمنح المكان الحياة.
ومن هذا المنطلق، أطرح بعض الأفكار العملية التي أراها مهمة وتستحق أن تُدرس بجدية من قبل الجهات المعنية، حتى تصبح الدقم مدينة قابلة للعيش ولسان حال المدن المستقبلية في عُمان
1- تحويل المكاتب الإدارية: أن تتحول إداريًا جميع المكاتب الحكومية والشركات الكبرى التي تتخذ من مسقط مقرًا لها إلى الدقم، ويكون مقر العمل الفعلي هناك، مع الاكتفاء بمكتب صغير في العاصمة لمتابعة الأعمال.
2- امتيازات للأسر المنتقلة: منح امتيازات مشجعة لكل من ينتقل للعمل في الدقم بصحبة أسرته، مثل تخصيص قطعة أرض يمكنهم بناؤها، بما يعزز الاستقرار السكاني.
3- حوافز للعاملين: تقديم حزمة مكافآت تشجيعية، مثل تذاكر سفر بأسعار مخفضة بواقع مرة شهريًا لزيارة ذويهم، بما يسهم في تخفيف أعباء الغربة
4- علاوات إضافية للمواطنين: تخصيص علاوات دورية إضافية للموظفين العُمانيين الذين ينقلون أسرهم للإقامة في الدقم، لتشجيعهم على جعل المدينة مقرًا دائمًا لهم، وهو ما سيُسهم في نمو مجتمع متكامل حول المشاريع الاقتصادية.
5- جامعة متخصصة: إنشاء جامعة خاصة في الدقم تحمل تخصصات فنية وعلمية مرتبطة بمتطلبات المنطقة الاقتصادية، مما يجعلها حاضنة للكوادر الوطنية المؤهلة.
6- خدمات ترفيهية واجتماعية: تشجيع الشركات على إقامة دور سينما، أندية، مراكز تسوق، وبرامج ترفيهية متنوعة، مع تنظيم فعاليات للأطفال بشكل منتظم، ليكون هناك حياة اجتماعية متكاملة.
7- السياحة الداخلية: إطلاق مبادرات للترويج السياحي تستهدف الأسر العُمانية، بما يزيد من زيارات المواطنين إلى الدقم، ويُعرّفهم بمقوماتها الطبيعية والاقتصادية.
8- مستشفى تخصصي: إنشاء مستشفى تخصصي متطور يعنى بعلاج الإصابات ويخدم المنطقة الاقتصادية في الدقم والمناطق المجاورة، مما يعزز من جاذبية الاستقرار الأسري.
9- ملتقى اقتصادي سنوي: إقامة فعالية اقتصادية كبرى بشكل سنوي، لتوجيه الأنظار نحو الدقم وجعلها منصة للقاء المستثمرين والمهتمين بالاقتصاد الوطني.
10- التعليم النوعي: تشجيع السكان على تسجيل أبنائهم في مدارس دولية داخل الدقم، بما يخلق بيئة تعليمية متقدمة تتناسب مع الطموحات الاقتصادية للمنطقة.
إن نجاح الدقم لا يقاس فقط بحجم الاستثمارات أو المشاريع التي تُنفذ، بل بمدى قدرتها على أن تكون مدينة حقيقية يعيش فيها الناس ويشعرون بالانتماء إليها. فإذا تحولت الدقم إلى مدينة قابلة للعيش، فإنها لن تكون مجرد منطقة اقتصادية، بل مدينة وطنية ينبض فيها الخير ويصل نفعها للجميع.

زر الذهاب إلى الأعلى