بطاقة تأمين صحي لكبار السن
حمود بن علي الطوقي
يهل علينا شهر نوفمبر المجيد، حاملًا معه معاني العزة والفرح للمواطن العُماني، ومع كل عام تتزايد مكارم هذا الشهر، وهذا العام نحتفل بالعيد الوطني الرابع والخمسين مع إنجازات تلبي تطلعات المواطن العُماني، هذا العام، نشهد الاحتفال بافتتاح المدينة الطبية للأجهزة العسكرية والأمنية، برعاية سامية من مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه.
وهذه المناسبة لا تعكس فقط التطور المستمر في الرعاية الصحية؛ بل تؤكد أيضًا حرص الحكومة على الارتقاء بمستوى الخدمات الصحية المجانية، وتجسد اهتمام السلطنة الدائم بتحقيق الرفاهية الاجتماعية ضمن رؤية “عُمان 2040”.
وفي ظل هذا التطور الذي تشهده منظومة الرعاية الصحية، تزداد الحاجة إلى مبادرات تدعم الفئات التي أفنت عمرها في خدمة الوطن، وبالأخص الآباء والأمهات من كبار السن. يبرز هنا مقترح توفير بطاقة تأمين صحي لكبار السن كضرورة مُلحَّة، تعبيرًا عن الامتنان لتضحياتهم، وتقديرًا لدورهم الأساسي في بناء مجتمع عُماني مُستقر ومزدهر.
أروي هنا موقفًا ترك أثرًا عميقًا في نفسي، وجعلني أكتب هذا المقال؛ فخلال زيارتي لأحد المستشفيات الخاصة، شاهدت مواطنًا عُمانيًا يصطحب والدته المسنة، وقد اضطر إلى دفع تكاليف علاجها كونه لا يحمل معه بطاقة تأمين صحي، وقد اضطر الى دفع كافة المصاريف. وفي الجهة المقابلة، كانت هناك عائلة غير عُمانية مُقيمة تحظى برعاية شاملة وسهولة في الإجراءات، بفضل امتلاكهم بطاقات تأمين صحي تُغطي نفقاتهم. هذا التفاوت يُبرز الفجوة في الرعاية الصحية بين المواطن العُماني والمُقيم، ويجعلني اطرح هذا المقترح الحكومة بضرورة توفير بطاقة تأمين صحي لكبار السن من المواطنين، كي ينالوا الرعاية الصحية اللائقة دون تكبد أعباء مالية إضافية.
إن التزام الحكومة بتوفير العلاج المجاني لجميع المواطنين في مؤسسات وزارة الصحة، أمر محل تقدير وإشادة بلا شك، إلّا أن التحديات لا تزال قائمة، خاصة مع تباعد مواعيد العلاج في المستشفيات الحكومية، مما يدفع البعض للجوء إلى المستشفيات الخاصة. وهنا يأتي هذا المقترح بتوفير طاقة التأمين الصحي كخطوة تكميلية لتعزيز منظومة الحماية الاجتماعية وتخفيف الضغط على القطاع الصحي العام، بما ينسجم مع رؤية “عُمان 2040” التي تضع رفاهية المواطن على رأس أولوياتها.
ومنح بطاقة تأمين صحي لكبار السن يمثل تكريمًا لهذه الفئة التي قدمت الكثير للوطن، ويضمن لهم رعاية صحية تليق بمكانتهم. ويمكن أن تُنظم الاستفادة من البطاقة بوضع حدود لعدد الزيارات السنوية، لضمان الاستخدام الأمثل وتجنب أي استغلال، بما يتيح للحكومة تقديم الخدمة بكفاءة عالية.
ختامًا.. ونحن نعيش فيوضات نوفمبر المجيد والنهضة المتجددة التي وضعت في رؤيتها توفير الرفاه الاجتماعي وهي أحد أهم مرتكزات رؤية “عُمان 2040” لهذا نرى أن توفير بطاقة تأمين صحي لكبار السن هو مكرمة مُستحَقَّة، ستسهم في تعزيز مستوى الرعاية الصحية وتخفيف الأعباء عن الأسر العُمانية. هذه المبادرة تجسد تقدير الحكومة الرشيدة للجيل الذي أسهم في بناء الوطن، وحرصها على توفير حياة كريمة لأفراد المجتمع، في إطار النهضة المتجددة ورؤية “عُمان 2040″، التي تهدف إلى تحقيق التنمية الشاملة وتحسين جودة الحياة لكل مُواطن عُماني.