القمة الخليجية في الكويت.. دعوة لتوحيد الصف وتأييد محاكمة نتنياهو مجرم حرب
حمود بن علي الطوقي
تتجه أنظار الشعوب الخليجية إلى القمة الخليجية التي تستضيفها دولة الكويت الشقيقة وسط آمال عريضة بأن تخرج القمة بقرارات حاسمة تعزز مكانة الخليج على الساحة الدولية. ويأتي في مقدمة هذه التطلعات إصدار بيان مشترك من دول مجلس التعاون باعتبار رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مجرم حرب، ويجب محاكمته فورا وذلك نظير تورطه في جرائم الإبادة الجماعية والقتل الممنهج بحق الأبرياء في غزة وفلسطين ولبنان . وتأتي هذه التطلعات وآمال الشعوب الخليجة في ظل قناعة المواطنين إن تمسك دول الخليج بتطبيق القرارات الدولية وملاحقة مجرمي الحرب أمام المحكمة الجنائية الدولية يمثل موقفًا إنسانيًا وأخلاقيًا يتماشى مع دور الخليج الريادي في الدفاع عن الحقوق العادلة للشعوب.كمراقبين نعتقد ان هذه القمة والتي تحمل رقم ٤٥ تعقد هذه المرة في ظروف هي الأصعب في تاريخ القمم الخليجية، وتعقد وسط تحديات إقليمية ودولية متشابكة. ولعل المشهد الفلسطيني والحرب ضد غزة احد اهم الملفات الشائكة التي ستتصدر اجندة القادة في الكويت. كصحفي ومتابع منذ مطلع التسعينيات للقمم الخليجية التي تُعقد في مختلف العواصم، ارى ان ظروف هذه القمة مختلفة تماما وعلى مدار السنوات الماضية كنت دائمًا أتابع باهتمام بالغ أعمال هذه القمم التي تمثل القلب النابض لمجلس التعاون الخليجي. وكانت تناقش اجندة القمة الشأن الخليجي حيث كانت تتصدر الاولويات ولكن القمة الحالية في الكويت اراها مختلفة بكل تجلياتها . اتحدث في مقالي من مسقط بسبب ان الظروف قد حالت دون تواجدي في الكويت هذا العام لمشاركة زملائي في تغطية هذا الحدث المهم، إلا أنني أكتب اليوم بروح المراقب الذي يتطلع لأن تكون هذه القمة خطوة نحو المستقبل ودعوة لتعزيز وحدة الصف الخليجي.تعقد القمة الخليجية في وقت تضع فيه شعوب الخليج آمالها على تحقيق كل دولة رؤيتها المستقبلية، مثل رؤية 2030 في المملكة العربية السعودية، ورؤية عمان 2040، والرؤى التنموية لبقية الدول الأعضاء. لكن كمواطنين خليجيين، نطمح أن تتجاوز هذه الجهود حدود الدول منفردة لتكون تحت مظلة خليجية موحدة، بحيث تتوحد التشريعات الخليجية لتكون أكثر تجانسًا وتصب في مصلحة المواطن الخليجي، الذي هو محور التنمية وغايتها.إن قوة مجلس التعاون تكمن في وحدته، وقد أثبتت التجارب أن التكاتف والتلاحم الخليجي قادر على تجاوز الأزمات مهما تعقدت. واليوم، نحن بحاجة إلى قرارات موحدة، سياسية واقتصادية وتربوية ودبلوماسية، تعكس الروح الخليجية المشتركة، وتضع مصلحة المواطن الخليجي في مقدمة الأولويات.أتطلع اولا كاعلامي وثانيا كمواطن خليجي من هذه القمة إلى أن تتناول قضايا الشباب الخليجي، في كل ما من شأنه دعمهم وتشجيعهم فهم عماد المستقبل، وأن تعمل على توحيد القوانين المتعلقة بتوفير فرص العمل بحيث تتيح لكل مواطن خليجي العمل في أي دولة من دول المجلس دون قيود، ما يعزز من التكامل الاقتصادي والاجتماعي بين أبناء ركما أن تعزيز التعاون الاقتصادي وفق منظومة خليجية متكاملة يُمكن أن يجعل من هذا التكتل نموذجًا يُحتذى به عالميًا. يجب أن تكون القرارات الصادرة عن هذه القمة معنية ببناء المواطن الخليجي، من خلال التركيز على التعليم، الصحة، وتطوير البنية التحتية، بما يضمن حياة كريمة ومزدهرة لجميع أبناء الخليج.إن الأوضاع الراهنة تُحتّم علينا أكثر من أي وقت مضى أن تكون كلمة الخليج واحدة، وأن تكون هذه القمة منصة لإعادة اللحمة الخليجية، وإطلاق رؤية موحدة تواجه التحديات، وتحمي مصالح شعوب دول المجلس. على قادتنا أن يثبتوا للعالم أن الخليج، بتاريخه وثقافته المشتركة، قادر على الصمود والتقدم ككيان واحد، وأن مصلحة شعوبه ستظل دائمًا فوق كل اعتبار.ختاما نقول القمة الخليجية في الكويت هي فرصة تاريخية لتعزيز هذا المسار، وبناء مستقبل يُعيد الثقة للأجيال القادمة بأن الخليج هو البيت الكبير الذي يظلهم جميعًا، وأن قوتنا تكمن دائمًا في وحدتنا.