*العيد في زمن الطيبين*.. الزمان – الخمسينيات والستينيات من القرن ٢٠ المكان – مطرح ووطية

بقلم : د حسن الموسوي
الاستعداد للعيد :أول يوم العيد فرحة العيدية اطباق العيد توطئة:
سأتناول اليوم وفي الأيام القادمة كل يوم عنوان من العناوين المذكورة أعلاه . أرجو أن ينال الموضوع إستحسانكم . وأبدأ بالعنوان الأول ……
*الاستعداد للعيد*
اتذكر وانا في طفولتي وتحديدا في عام ٥٦ من القرن المنصرم وما بعدها من السنين ؛ وهي اولى الذكريات التي ظلت راسخة في الذهن عندي الى هذا اليوم . ففي اواخر شهر رمضان الكريم كنت كعادة الآخرين اذهب مع اخي الأصغر محمد الى محل المرحوم الحاج مهدي جواد واختار من القماش ما يعجبني ويعجبه ولم تكن خامة القماش متوفرة إلاّ باللون الأبيض ؛ وبعد سنين أخذت خامة اللاسي الناعمة ذي اللون الحليبي الفاتح بالإنتشار الخجول وكان اولي الطوّل أكثرهم استعمالاً لهذه الخامة . وهذه كانت اختياراتنا المحصورة في الأبيض واللاسي ؛ ليس كما هو عليه اليوم حيث تختار ما شئت من الألوان .والزخارف . وبعد أن نأخذ قطعة القماش نذهب الى الخياط الذي لم أعد اذكر اسمه . كان تطريز الدشداشة في مطرح تطريزا بسيطاً وبدون اية زخارف ويختلف عن تطريز اليوم الذي يواكب كل التغييرات السريعة في الخامة والتفصيل واللون ؛ فكان يعلو دشداشة ايامنا حلقة العنق ياقة مع فتحة الصدر الذي يثبت فيها عادة ازرار ثلاثة الى اربعة إن زادت ؛ كانت الأكمام في نهايتها مطوية مرة واحدة مثل نهاية الثوب ؛ وكان الجيب واحداً وعلى جهة اليمين وجيب صغير على الصدر من جهة الشمال . لا بأس من الملاحظة أن اشير إن من كان يريد أن يظهر نفسه من اولي الجاه بل من يريد أن يتبختر فيضع قلم باركر مثبتاً في الجيب الصغير الذي هو على جهة الصدر يساراً كما أسلفت ؛ بل ربما يزيد أن يزيد في طول الأكمام فتصل مفصل الأصابع او حتى نهاية اليد فلا ترى اليدين . ثم كنّا نذهب بعد ذلك الى محل المرحوم الحاج محمد حبيب اب الأخوين افتخار وحبيب ؛ من دكانه كنّا نشتري النعال . كان النعال من جلد خالص وتفوح منه رائحة الجلد التي ما زالت عالقة في الذهن ؛ كما كان له صوت مميز مع رنة جميلة حين كنت امشي . فكنت امشي بشئ من الخيلاء وبهدوء ؛ متجنباً ألاّ يتأثر نعالي الجديد بالتراب والحصى . ففي أيامنا لم يكن بمقدور الأهل أن يشتروا لنا النعال إلاّ مرتين وفي العيدين مثل حال الدشداشة ؛ وكما كنّا نشتري الكمّة من المرحوم الحاج موسى وكانت الكميم كلها ذات لون ابيض واحد ولم تكن تتوفر الوان اخرى والتطريز كان يدوياً فقط …. هكذا تكون عدّة العيد قد اكتملت نصابها . وكان لنا من الحظ من العدة هذه في العيدين فقط لا غير ذلك ابداً ؛ فلم نكن لنا وللأخرين من المال ان نشتري اكثر في ايام أُخر مهما كانت الأسباب ؛ بل جرت العادة ان تكون خياطة الدشداشة في العيدين فقط سواءا للجميع لا فرق بين فقير معدم او غني ذي مال وجاه
.د حسن الموسويكتب
في : الاول من شوال ١٤٤٣٢ من مايو ٢٠٢٢