القطار العجيب .. وواقع قطاع النقل العام في سلطنة عمان

بقلم / إسحاق بن سالم السيابي
ولاية سمائل
لا شك بأن الحكومة أولت قطاع النقل العام إهتمامها الكبير خلال الخمسين سنة الماضية، وتبعه المزيد من الإهتمام خلال عصر النهضة المتجددة؛ مؤكدة على تاريخ عمان العريق في التواصل مع الأمم والحضارات،تحمل مشاعل العلم والمعرفة والسلام بفضل الله،ثم بعراقة شعب حاز على الفخر،وأبى إلا أن يكون للتاريخ شريكآ و للمجد صانعآ.
فتم في بداية السبعينات إنشاء شركة النقل الوطني العماني،كناقل بري يربط مختلف ولايات السلطنة،يرسم مسارات الطرق،ويقدم خدماته للجمهور بكفاءة عالية واسعار مناسبة.
كما ساهمت السلطنة في تشغيل شركة طيران الخليج،كناقل جوي تجاري يربط السلطنة بالعالم الخارجي.مستندآ ذلك الناقل على شهب عمانية وطنية تحرس الفضاء الفسيح.
ثم أُسِسَت شركة الطيران العماني كناقل رسمي حر للسلطنة،لتحلق حاملة إسم عمان بكل فخر في اعالي السماء.
بجانب اسطول بحري تجاري ضخم يحمل سلع كثيرة اهمها النفط والغاز ليعيد لعمان مجدها البحري في المحيطات والبحار من اقصى الشرق إلى اقصى الغرب فبقت عمان منارة لكل باحث عن المجد.
و توج لكل ذلك بإهتمام كبير تعظيم قطاع المطارات الجوية والموانيء البحرية والمنافذ البرية ليساعد في تنشيط التجارة والصناعة والسياحة بجانب القطاعات المختلفة.
واليوم نحن نتحدث عن مشروع طموح عملاق آخر قادم من خلف الضباب بكل قوة وكبرياء وعلو همة،وبضخامة إعتماداته ومتطلباته المالية في زمن اصبح للبيسة الواحدة شأن كبير في جيب المحتاج،الذي اصبح يجمعها بيسة فوق البيسة من اجل اولويات اسرة إفتقدت اشياء كثيرة ومهمة نتيجة ضغط الحياة بتبعاتها وتعاستها.وهو ما يسمى بمشروع القطار الذي المؤمل حسب حسابات المُخَطِطً ان يربط السلطنة محليآ ودوليآ بسكك قطارات طويلة تجلب الخير والثروة،و تنحت في طريقها الجبال وتشق الصحراء كأعجوبة زمان قادم لأرض لم تعرف مسارات للقطارات،ولم تعهد صوت صفاراتها،ولم يسبق لها إنشاء محطات بفصول مُنَظَمة تُدَرس فيها ابنائها معنى صناعة القطارات وإدارتها،وكيفية ربط خطوطها وخيوطها وفك تشابكاتها،واساليب التعامل مع هدير محركاتها،وصيانة كل ما يتعلق بها،وحتى أبجديات إصدار تذاكر ركوبها وضمان عدم تشابك برامج رحلاتها.
المقدمة الطويلة اعلاه والغير مترابطة والغير متجانسة وتبدو كأنها فاقدة للوعي واتجاه البوصلة،كان لابد منها للقاريء صاحب النفس الطويل ليحمل مع كاتب هذه الرسالة تنبيه مهم للمُخَطِط البعيد عن الميدان والمنفذ المسؤول عن المال العام وعن كل ما يتعلق بمشروع القطار القادم من الضباب !.
هل تساءلت اخي القارئ/ اختي القارئة عن اسباب عدم نجاح/
*شركة النقل الوطني العماني التي اسست منذ السبعينات ولم يكن لها منافس مطلقآ ولم تقصر الدولة في دعمها بأوجه كثيرة من اوجه الدعم.حتى غيرت هويتها ولا اقول غيرت جلدها من اجل الثبات،ولكنها بقت كما هي عليه ولم تتمكن من تطوير عملياتها لتكون الناقل الذي يقدم خدماته بكل سرعة وراحة لمستخدميه،ولم تتمكن من ربط التنقل بين المدن ناهيك عن الأحياء السكنية والتجارية.حتى لم تتمكن من تعميم إنشاء مظلات تحمي الراكب من الحر والبرد،وإنما بعض المحطات المتواضعة تصورها وسائل الإعلام وتنقل بها صورة بعيدة عن الواقع-دون قصد-فيما يتعلق بكفاءة الشركة في تقديم خدماتها !.
*هل تيقنا من اسباب عدم تمكننا في المساهمة الناجحة لإدارة شركة طيران الخليج والإحتفاظ بحصصنا،ولماذا لم نتمكن من تعظيم أهمية تلك الشراكة،ويعلم حامل مفاتيح الخزينة العامة كم صرفنا في تلك الشركة وكم كان العائد منها!.
*شركة الطيران العماني،وهي شركة ذات بُعد إستراتيجي هام،تحمل بين اجنحتها الكثير من الأحلام والرؤى والإجتهادات لمستقبل اكثر جمالآ وإشراقآ في تقريب البعيد ونقل الحبيب،وفي جعل السياحة صناعة للمستقبل.
كم صرفنا من الخزينة العامة على تلك الشركة منذ ان أسست؟وكم حجم عوائدها بمختلف صورها؟هل قيمة ما صرف عليها يعادل قيمة ما ربح منها ؟!
ما اسباب تدفق الأموال العامة بإستمرار من اجل دعمها كقروض وهي من كان يفترض ان تضاعف إيرادات الخزينة العامة؟
ما اسباب عدم تمكننا من وقف النزيف المالي وعدم تمكننا على الأقل من وضع ضمادة توقف النزيف مؤقتآ؟
*مشاريع المطارات والموانيء البحرية والبرية المدنية التي صرفت عليها الدولة إستثمارات كبيرة دفعتها من الخزينة العامة وتولت إدارتها شخصيات وطنية ماذا حققت من عوائد مالية،وماذا حققت من عوائد اخرى؟
لماذا كفة الصرف اثقل من كفة العائد؟متى سيتوازن الميزان على الأقل و يحقق التعادل بين كفتيه؟
تلك مجرد اسألة تطوف على ادمغتنا عندما نتحدث عن مدى إستعدادنا لتحمل تكاليف خيالية وهموم لمشروع آخر أُطلق عليه شخصيآ(سكة القطار العجيب)والذي بلا شك سيقطر عشرات العربات من خلفه،محملة احمالآ ثقيلة،وسيقف في محطات اخشى ان تكون غريبة عن اهداف ذلك القطار !!!





